GuidePedia


شرحت لكم فيما مضي من مقالات كيف نشأت وتربيت في قرية بصعيد مصر ليس بها عائلات مسيحية الا عائلتنا فقط .....
واليوم ساقص عليكم قصة ابن عمي ( ناجي ) الذي اجبر ان يترك القرية ولا يدخلها مرة اخري .....حدث ذلك في غضون ايام قليلة ولم يكن يخطر علي بال احد في يوم من الايام ......واليكم قصته دون زيادة او نقصان
كان ناجي ( وهو يصغرني بسبع سنوات ) الابن الاكبر لابيه وله من الاخوة الاولاد ثلاث ومن البنات اربع بنات ....

حصل علي دبلوم فني صناعي وبدأ رحلة البحث عن عمل  وكبقية الشباب سافر الي القاهرة والاسكندرية باحثا عن فرصة عمل , حيث لا مجال لان يعمل في الصعيد الطارد للشباب......لم يقبل ناجي ان يعمل في الارض الزراعية مع والده ,فلجأ للسفر للقاهرة باحثا عن عمل يشق به طريقه في الحياة وهاربا من قريتنا.....عمل في القاهرة عدة اعمال في مجال المعمار حتي جمع مبلغا من المال ليس بكبير منتظرا ما سياتي به المستقل  ....
حتي جاء المستقبل بالتوكتوك والجميع يعلم متي دخل مصر  ذلك المصنوع العجيب الذي نعرفه جميعا باسم التوكتوك , وكيف في غضون عاما واحدا غزا التوكتوك كل محافظات مصر , كان ذلك منذ  تسع سنوات تقريبا , كان مشروع امتلاك توكتوك هو الحل السحري لكثير من الشباب العاطل كما كان فرصة لتحسين دخل كثير من الموظفين .....
وكان ناجي احد هؤلاء الشباب, ترك القاهرة وعاد الي قريته بما جمع من مال وبمساعدة والده الذي كان يتمني ان يستقر ابنه الاكبر معه فاشتري توكتوك وبدأ رحله العمل والبحث عن الاستقرار في قريته التي ولد وتربي فيها .....
كان ناجي من الشباب الذين يتسمون بالشهامة والروح الحلوة , كان محبوبا من الجميع ويمتاز بحس عالي فكان يعرف ان يقرأ من يقوم بتوصيله بالتكتوك الذي اشتراه , يقوم بطلب اجرة مضاعفة من القادر او الذي لا تفرق معه بينما ان صادف احدا في طريق يحتاج للمساعده فانه يقوم بتوصيله دون اخذ اجرة , لم يكن يرفض طلبا لأحد أو يتأخر عن احد فكان محبوبا جدا من الجميع , ناهيك عن امتيازه في كل القرية بكونه مسيحي , فكان يؤتمن علي ان يقوم بتوصيل أي أحد بما فيهم البنات والسيدات ويقوم بتوصيل الطلبات للمنازل .
وجد ناجي أخيرا ضالته في ان يجد عملا مستقرا في قريته وسط اهله كما وجد متعته في عمله الذي جعله يتعرف علي شريحة كبيرة من افراد واهالي القرية .....
مرت الايام وهو في سعادة غامرة بما استقر عليه حاله وبدأ يبحث عن مزيد من الاستقرار فقام بخطبة فتاة من احدي العائلات البسيطة من المدينة  التي ترضي   لان تسكن بنتهم في قرية مثل قريتنا ( حيث ان ارتباط احد الشباب المسيحيين من خارج القرية عادة  يشترط ان تكون الاقامة خارج القرية لمعرفتهم باحوال قريتنا .) .....
مرت الايام حتي اكمل ناجي شقته في بيت والده وكل امور حياته علي خير ما يرام  حتي أتي زواجه الذي فرح فيه وجامله الكثير من اهل القريه ممن عرفهم من خلال عمله .....
كان ناجي يقوم بتوصيل المسيحيين من اهل القرية من بيوتهم الي الكنيسة كل يوم احد او جمعة ليعود ويردهم الي منازلهم بعد انتهاء الصلوات وكان ذهاب الاسر المسيحية وعودتهم من الكنيسة تقابله بعض المضايقات من بعض مسلمي القرية ولكن الامور كانت تمر لتعود الجميع علي ذلك منذ صغرهم .....
مرت الايام عادية وهو راض عن حياته ....وبغير توقع من احد قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر وبدأت البلاد تدخل حاله من الثورة والفوضي في كل الامور, فلم يعد هناك قانون بعد انهيار جهاز الشرطة ولم يعد هناك رادع لما قد يحدث من اعمال التخريب والفتن الطائفية خاصة بعد انهيار كل مقومات الدولة القانونية ....
كل الامور المشتعلة في مصر كانت تسير علي مرأي ومسمع منا جميعا دون ان يكون لها تأثير يذكر الا في انتشار بعض حالات السرقة , اما بخصوص المسيحيين في قريتنا فلم يكن لها تأثير لقلة عددهم وطبيعتهم المسالمة للجميع ...
ها الايام تمر وصار ناجي ينتظر مولوده الاول بعد عدة اشهر من زواجه , وبينما الايام تسير علي طبيعتها جاء له القدر بما لم يكن يتوقعه ابدا .....
هذا ما سأدونه لكم في المره القادمه

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Top