سارق العمر....
نولد فيبدأ في تسجيل اسمائنا في دفاتره. ونحيا ليبدا هو في سرقة اغلى ما نملك. سرقة اعمارنا. كل دقة من دقات الساعة تعني تناقص تدريجي في اعمارنا، ونحن لحماقتنا نشكو بطئ الوقت وتوقفه عن الدوران، بل وفي كثير من الاحيان نتمنى ان يجري الوقت بسرعة اكبر واكبر لنصل الى حدث معين او وقت معين. غير عارفين او بحماقة عرفين ونتجاهل ان ما يمضي لن يعود. وما يمضي هو عمرنا.........

سارق العمر عامل ماهر لا يتواني عن عمله ولا يتوقف لحظة واحدة. بينما نتفنن نحن في اضاعة الوقت وكسر الملل واهدار ما نملك من اوقات هي في الحقيقة تمثل اعمارنا في مجموعها. وبقدر ما نستهلك ونهدر من وقت، بقدر ما تقل قيمة حياتنا، ولكن معدل مرورها ثابت. فسارق الوقت عامل امين، لا يسرع او يبطئ، بل يسير بخطى ثابتة غير عابئ بآرائنا او رغباتنا.

قديما قالها احد الفلاسفة وهو في فرش الموت، وقبل ان يلفظ انفاسه، حدق في السماء الظاهرة من نافذته، ليهمس قائلا " طر ايها الوقت الجشع حتى تختفي عن العيان" وهو صادق في كلماته ومعبر عن واقع صحيح. فسارق العمر جشع بصورة لا مثيل لها. منذ ان نولد وهو ياخذ من اعمارنا، ولا يكتفي منها حتى ياخذها كلها.... حقيقة ثابتة، ولكن للأسف الكثير منا يتجاهلها......

ولكن يوجد من حولنا من عرف قيمة الوقت، لدرجة ان احد الحكماء، وبخ احد الشباب حين كان يحاول ان يضيع الوقت، فوبخه قائلا " لا تستهن بوقتي يا بني، الا تعلم انني حين اعطيك جزءا من وقتي، فأنا اعطيك جزءا من عمري". وهذه ايضا حقيقة. كل دقيقة تمر من اعمارنا هي جزء من حياتنا، وعلى قدر استغلالنا لهذه اللحظات والساعات، على قدر القيمة التي نصنعها في حياتنا.

سارق العمر يمضي في طريقه غير مكترث لما نحن وفيه، ونحن غارقون في همومنا واحلامنا غير مبالين لما نحن نسير فيه. وقطار حياتنا يستمر، كل واحد في طريقه. ليكتب سارق العمر النهاية حين يستنذف آخر اللحظات....

كل ما اتمناه ان نعرف قيمة الوقت بالنسبة لحياتي، فإن كان سارق العمر يسرق ايامي، فأنا احاول واجاهد ان اضيف لهذه الايام قيمة عملا وقولا... حتى اصل الى النهاية برصيد جيد يستحق المكافأة لا العقاب....