GuidePedia
لا احد فينا يستطيع ان ينكر واقع الموت! ولا احد فينا لا يملك قلبه سراب الحياة. معادلة صعبة وتناقض غريب يسكن في الانسان. يسكن في الانسان بغض النظر عن عمره. هل هو شاب مقبل على الحياة ام كهل ام شيخ نظريا اقتربت ايامه على النهاية.

حياتنا وواقع الموت

نولد ويولد الموت فينا. نكبر ويكبر الموت فينا. حتى تاتي اللحظة التي يسود هو فيها وننتهي نحن. نولد ونحن نصرخ ونبكي، كالمطرود من الجنة الى عالم الشقاء ( وهذه حقيقة ) وتمضي الايام ونتعلم ممن حولنا فنونها ومكرها حتى يملك حبها فينا. بعد ان كنا نبكي حزنا لقدونا الى الحياة، صرنا نعشقها. وبعد ان كنا بسطاء انقياء، تلونت وجوهنا وتغيرت قلوبنا واصبحت كل حيلها الدنيا مطبوعة فينا. خلال كل هذا نكبر ويكبر الموت فينا، حتى يأتي الوقت ويملك هو وننتهي نحن.
لا يمضي يوم الا ونسمع فيه ان شخصا ما قد فارق الحياة، شخص ما ملك الموت عليه وفارق دنيانا. لا يأتي يوم الا ويصرخ الموت في آذاننا ليثبت انه موجود وهو من يملك ويسود على جميع البشر. ورغم كل هذا المجهود والتذكرة المتكررة، يبقي عشقنا للدنيا وتمسكنا بالحياة قويا وعنيدا بصورة غاية في الغرابة. ورغم انذارات واتذكارات الموت من حولنا، ورغم عنادنا وتمسكنا بالحياة، نكبر ويكبر الموت فينا حتى يملك هو ونرحل نحن.
لا احد عاقل ينكر حقيقة الموت، ولا يوجد انسان الا ويعرف انه يوما ما سيموت. كما نعرف جميعا ان اللحظة التي يملك فيها الموت على الواحد منا ليست ثابتة، بل هي لحظة وعلاقة خاصة جدا بين الانسان وموته، فلا احد يعرف متى يملك الموت عليه ولا باي طريقة. ومع ذلك نتجاهل الاستعداد له ونسعى وكأننا خالدون.

واقع الموت وسراب الحياة

لعل السبب في تجاهلنا لحتمية الموت وتوقع حدوثه في اي لحظة ناتج عن سراب الحياة او عشق الانسان لحياته او لطبيعة ما او فطرة معينة خلقنا الله بها. ولكني لا اعتقد، فالاله الذي خلقنا وضع الموت فينا وامامنا ليكون فاصلا بين حياة وحياة. فاصل بين معاناة وحياة، فاصل بين حياة وحساب. ولهذا زادت الغرابة في سبب تعلقنا بسراب الحياة وتجاهلنا لحقيقة الموت.
لا اعرف، ولا اجد مبررا لسلوكنا هذا. وإن كنت متاكدا من حتمية الموت وامكانية حدوثه في اي لحظة. وان كنت مؤمنا بأننا نولد ويولد الموت فينا، ونكبر ويكبر معنا حتى يملك هو في النهاية ونرحل نحن، إلا انني اؤمن ان استبدال الاهداف في حياة الانسان، ووضوح الرؤية يحول اسطورة الموت الى لحظة انتقال.....
حين يؤمن الانسان ان حياة هنا مجرد اختبار وتجهيز لحياة افضل، حين يؤمن الانسان ان حياته هنا مجرد اختبار امانة واستحقاق لحياة افضل، حينها لن يكون بقلبه عشقا لحياة يختبر فيها، وإنما احتمال لها وانتظار للانتقال للحياة الافضل.....
حين يعى الانسان هذه الحقيقة ويؤمن بالغاية من وجوده، حينها يفرح كلما كبر وكبر الموت فيه. وتكتمل فرحته حين يملك الموت على حياته اارضيه، ليبدأ حياة جديدة كلها ابدية....
أعطنا يا الله ان نعي الغاية من وجودنا... وان نعرف حجم الموت وحقيقته، حتى لا نخافه بل نفرح ونحيا في انتظاره لينقلنا من ارض الشقاء..... إاليك انت.

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

 
Top